إعادة إنتاج التهميش: ردٌّ على سياسات الهوية المثلية
نظرة عامة
في الأسابيع الأخيرة، هيمنت قصتان بارزتان على الخطاب الإعلامي في المملكة المتحدة حول الإسلام وحقوق مجتمع الميم:
احتجاج أولياء الأمور المسلمين في برمنغهام ضد برنامج التعليم الشامل لا غرباء (No Outsiders) الذي يتضمن التوعية بحقوق مجتمع الميم
تطبيق قوانين معادية لمجتمع الميم في بروناي
ورغم أن كلتا القصتين تستحقان نقاشًا نقديًا، إلا أن التغطية الإعلامية غالبًا ما تبنّت ثنائية تبسيطية:
مجتمع الميم كضحايا مقابل المسلمين كجناة.
هذا الإطار يُحمّل مجتمعًا دينيًا مُهمّشًا وحده المسؤولية، ويُخفي المنظومات الأكبر التي تُنتج التمييز وتعيد إنتاجه.
"الاضطهاد لا يحدث في فراغ. ما يبدو مسألة محلية غالبًا ما يرتبط بأنظمة قوى عالمية متشابكة، عِرقية ودينية ونوعية وجندرية وطبقية ووطنية."
🔍 قانون بروناي والإرث الاستعماري المنسي
أثار سن بروناي لقوانين تُجرّم العلاقات المثلية وتُعاقب عليها بالرجم استنكارًا عالميًا واسعًا. وصُوِّرت هذه القوانين في الخطاب الغربي باعتبارها "بربرية" و"تطرّفًا إسلاميًا".
لكن هذه القوانين لها جذور استعمارية، وليست دينية فقط.
فقد فرضت بريطانيا خلال حكمها "القسم 377" في أجزاء واسعة من إمبراطوريتها للسيطرة على الأجساد المستعمَرة وتنظيم الجنسانيات.
"أول القوانين التي جرّمت المثلية لم تكن إسلامية. بل بريطانية."
هذا التاريخ غالبًا ما يُمحى. وعندما يُعزى الخطاب الغربي القوانين المعادية لمجتمع الميم للدين أو الثقافة فقط، فإنه يتجاهل كيف رسّخت الإمبراطوريات رهاب المثلية.
والنتيجة: غضبٌ انتقائي وأخلاقي ومنزوع من سياقه التاريخي.
🎭 أسطورة سياسات الهوية كأداة مقاومة
لطالما استخدمت الدول الاستعمارية والحديثة تصنيفات الهوية كأداة للفرز والسيطرة. واليوم، تكرر سياسات الهوية هذا المنطق أحيانًا؛
فعندما تُفصل النضالات إلى قوالب معزولة—كالعرق مقابل التوجه الجنسي مثلًا—يُخفى الأساس البنيوي للظلم.
تتحول القضية إلى:
سباق نحو «مَن المُهمَّش أكثر» بدلًا من نضال مشترك
إطار يركّز على الظهور لا على التغيير الجذري
أداة تحدّ من التضامن عبر تكريس الحواجز بين المجموعات المُضطهدة
"حين تُجرّد سياسات الهوية من جذورها التقاطعية، تتحول إلى أداة انقسام لا مقاومة."
🏫 منهجية «لا غرباء»: نوايا جيدة بتطبيق مُربك
استُحدث برنامج «لا غرباء» لتعزيز الشمول ومناهضة رهاب المثلية في المدارس.
إلا أن تطبيقه في مجتمعات ذات أغلبية مسلمة—مثل برمنغهام—عزّز، من غير قصد، سرديات الإسلاموفوبيا.
في حين يسعى البرنامج للشمول، فإن صياغته تُعيد تأطير مجتمع مُهمَّش أصلًا باعتباره "الآخر".
فعزل التوجه الجنسي عن باقي أشكال الاضطهاد (مثل العنصرية أو الإسلاموفوبيا) يعني:
تجاهل تقاطعية أشكال القمع
الإيحاء بأن التعليم وحده قادر على حل الظلم البنيوي
تعزيز فكرة أن المجتمعات المسلمة «بطبيعتها» فيها رُهاب مِثلية
وبدلًا من تفكيك التمييز البنيوي، يُعاد تغليفه تحت شعار "التنوّع".
🔗 التقاطعية كإطار للعدالة
تساعدنا التقاطعية على فهم كيفية عمل القوة عبر محاور الهوية المتعددة. فهي تُذكّرنا بأن:
«الجنسانيات لا تنفصل عن العِرق أو الدين أو الطبقة أو الجندر. وكذلك الاضطهاد.»
يتطلب تحقيق العدالة الحقيقية تجاوز الأطر الأحادية، عبر:
تعليم سياقي
سياسات شاملة
تنظيم عابر للنضالات
مساءلة تاريخية
⚖️ مواجهة الاضطهاد كنظام، لا كهوية معزولة
يدعم مركز CTDC التعليم والنشاط الذي يتجاوز الهويات الأحادية. نحن نؤمن بأن:
"مناهضة رهاب المثلية وحدها لا تكفي—علينا أن نواجه الاضطهاد كنظام."
يشمل ذلك:
كشف كيف تصدّر بريطانيا البُنى المعادية لمجتمع الميم عالميًا وتحافظ عليها
إدراك ومعارضة العنصرية ضد المسلمين وسياسات كراهية المهاجرين داخليًا
بناء تحالفات عابرة للحركات، مثل تحالف:
"مثليون ومثليات يدعمون عمّال المناجم"
"مثليون ومثليات يدعمون المهاجرين"
إن التضامن لا ينبغي أن يكون رمزيًا؛ بل استراتيجيًا، تقاطعيًا، وتحويليًا.
📚 مرجع
Gupta, A. (2008). This Alien Legacy: The Origins of “Sodomy” Laws in British Colonialism. Human Rights Watch.
تواصلوا معنا
لديكم أسئلة؟ أفكار؟ رغبة في التعاون؟ نحن هنا ونحب أن نسمع منكم، فلا تترددوا في مدّ جسور التواصل!