الرفاه: ملاذ آمن لكبار السن والفئات المهمّشة في فلسطين
في منطقةٍ غالبًا ما يترك فيها التمييز العمري والإعاقة والوصمة الاجتماعية الأفراد دون حماية كافية أو دعم، يبرز مركز الرفاه للرعاية الاجتماعية كملاذ آمن لبعضٍ من أكثر الفئات هشاشة في المجتمع.
تأسس الرفاه على يد امرأتين فلسطينيتين، السيدة خولة الكرد والسيدة سارة ناصر الدين، في يناير 2009 بمدينة رام الله، استجابةً لتزايد إهمال كبار السن وتهميشهم في فلسطين.
ومع مرور الوقت، توسعت رسالة المركز لتشمل الأشخاص ذوي الإعاقات الجسدية والذهنية وفي بعض الحالات الخاصة النساء الناجيات من العنف.
رأت المؤسِّستان ضرورةً ملحّةً لمبادرة لا تكتفي بتوفير مأوى، بل تخلق بيتًا حقيقيًا يشعر فيه كبار السن بالأمان والاحترام والمحبة.
وفي كلماتهما: "ندرك هشاشة كبار السن في مجتمعنا ومحيطنا، لذا قررنا إنشاء بيت يعيش فيه المسنّون بكرامة واحترام. نحرص على راحة المقيمين ونساعدهم على التأقلم بسلاسة مع بيئتهم".
انطلقت الرفاه في البداية كملاذ آمن لكبار السن، لكنها تطورت مع الوقت لتستوعب حالات تعاني من الألزهايمر والخرف وغيرها من التحديات الصحية الجسدية والذهنية التي تتطلب رعاية خاصة لا تتوافر في كثير من المؤسسات الأخرى بالمنطقة.
كما يوفّر المركز أحيانًا مأوى في حالات استثنائية للنساء الناجيات من العنف عندما لا يكون هناك مكان آمن آخر يلجأن إليه.
من أبرز الأمثلة على ذلك قصة امرأة تبلغ من العمر 24 عامًا وتعاني من إعاقة جسدية، تم استقبالها في الرفاه بعد تعرضها لسوء معاملة شديد من والدها. وتجسد هذه القصة التزام المركز بسياسة «الباب المفتوح» لأي حالة إنسانية بحاجة إلى حماية ورعاية.
تُعد الوحدة والعزلة الاجتماعية من أبرز التحديات التي يواجهها كبار السن في جميع المجتمعات، ما يزيد من شعورهم بالهشاشة.
ولهذا السبب، تُعد بيوت رعاية المسنّين مثل الرفاه ضرورية للغاية من أجل رفاههم وكرامتهم.
يتجاوز عمل الرفاه تقديم الدعم الجسدي والطبي، إذ يوفر دعمًا نفسيًا واجتماعيًا قويًا يساعد المقيمين على إعادة الاندماج في المجتمع وتقليل شعورهم بالوحدة.
وينظم المركز أنشطة اجتماعية تتناسب مع احتياجاتهم الصحية، مثل الرحلات إلى مدن فلسطينية مختلفة، والاحتفالات الجماعية بالأعياد الوطنية وأعياد الميلاد.
يحتضن الرفاه اليوم نحو 15 مقيمًا دائمًا، إضافةً إلى رعايته لأفراد تتراوح أعمارهم بين 24 و94 عامًا ليس لديهم ملاذ آمن آخر.
ويتمتع المقيمون والضيوف بخدمات متنوعة، تشمل الإرشاد النفسي، ورعاية تمريضية على مدار الساعة، والعلاج الطبيعي، بالإضافة إلى تقديم وجبات صحية وعضوية.
وبجانب رسالته الأساسية، يعمل الرفاه أيضًا على كسر الوصمة الاجتماعية المرتبطة بدور رعاية المسنّين في فلسطين.
ويعتمد المركز بشكل رئيسي على التبرعات الغذائية والملابس، إذ يأتي معظم المقيمين من خلفيات فقيرة ومهمّشة.
وفي حين أن بعض المقيمين قادرون على دفع تكاليف إقامتهم — ما يوفر دخلًا متواضعًا يساعد في تغطية جزء من التكاليف التشغيلية — إلا أن المركز يواجه ضغوطًا مالية مستمرة لتسديد الإيجار ورواتب العاملين والفواتير.
ويشكّل النقص الكبير في التمويل العام والخاص لرعاية كبار السن تهديدًا حقيقيًا لاستمرار هذه المؤسسة.
ولضمان بقاء الرفاه وغيره من الملاذات الآمنة، هناك حاجة ملحة إلى دعم مستمر من القطاع الخاص والعام والمجتمع المحلي.
وطالما استمرت أوجه الظلم البنيوي والوصمة الاجتماعية، ستبقى مثل هذه المساحات الآمنة ضرورية — بل منقذة للحياة — لحماية كرامة ورفاه وحقوق من غالبًا ما يُتجاهلون في زحمة الحياة.
تواصلوا معنا
لديكم أسئلة؟ أفكار؟ رغبة في التعاون؟ نحن هنا ونحب أن نسمع منكم، فلا تترددوا في مدّ جسور التواصل!